تجارِب قد تفيدك؛
النُّموذج الأول:
لمستُ من أحدهم رغبة جامحة في الدراسة، وله حظٌّ من الذكاء، والمسؤولية، والاهتمام بالعلومِ التَّجريبية.
سألني مرارًا عن سبلِ الخروج من اليمن للدراسةِ في دولةٍ أجنبية، قلتُ له كلمة لا ثاني لها: «أتقن اللغة الإنجليزية إتقانًا حسَنًا»، ثمَّ أخبرني عند التَّمام.
انكبَّ الشَّاب علىٰ تعلمِ ودراسةِ اللغة الإنجليزية، تعلمًا حقيقيًّا، أنهىٰ المرحلة الثانوية، ثمَّ اغتنم السنة التي تليها لإكمال ما تبقى من اللغة، وبعد تمكنه منها، اتصلَ بي. قدَّمَ علىٰ بعضِ الجامعات الأوروبيَّة، خضعَ لامتحانِ اللغة، تجاوزه بيسر، وقبيل أيامٍ راسلني من دولةٍ أجنبية.
النموذج الثاني:
رأيتُ شابًّا مقبلًا علىٰ طلبِ العلم الشَّرعي، ولا يزال في صدر العمر، سألني عن شيء، فقلتُ له كلمة لا ثاني لها: «أتقن اللغة العربية إتقانًا حسنًا»، ثمَّ تعلم من علوم الشريعةِ ما شئت، واقرأ ما شئت. وإيَّاك أن تنشغلَ بشيءٍ آخر في مدة تعلمك لفنونِ العربية، هبها كل وقتكَ لتمنحكَ بعضُ أسرارها.
انكبَّ الشَّابُ علىٰ تعلمِ العربية، ومضىٰ في تعلمها حولينِ كاملين، ثمَّ اتصلَ بي، قلتُ له: دونكَ الباب، فلن تُضام.
ولقد رأيته – وهو ما زالَ في ريِّقِ الشَّباب – يصولُ صولة الكبار، لا يعوزه شيء، دخل إلىٰ العلوم بعدةٍ متينة، وأساسٍ مكين، مكنته من الفهم، واجتراح أبوابٍ ما كانَ لها أن تفتحَ دونَ مفتاح اللغة العظيم. فهو الآنَ من هو!
حاصلُ الأمر:
إن كنتَ ترومُ الاشتغال بالعلومِ التَّجريبية وما حولها، فدونكَ اللغة الإنجليزية، فهي بوابتكَ الأولىٰ للوصول.
وإن كنتَ ترومُ الاشتغال بعلومِ الشَّريعة وما حولها، فدونكَ علوم العربية، أتقنها؛ لتفتحَ لكَ المغاليق؛ وتقصد البحر دونَ النظرِ إلىٰ بنياتِ الطَّريق!
هامش:
لا يعني هذا انعدام الحاجة لطالبِ الشَّريعة إلىٰ اللغة الإنجليزية، وطالب العلوم التجريبية إلىٰ اللغة العربية؛ وإنما بيانُ الأولىٰ، وما يحتاجُ إليه عينًا في مفتتحِ طريقه الطَّويل.
وعلىٰ اللهِ قصدُ السَّبيل.
