### مجازاة الإساءة بالتجاوز

### مجازاة الإساءة بالتجاوز

عندما يسيء إلينا شخص ما، تتعدد طرق التعامل معه، ولكن من أبلغ ما يمكن أن نقدّمه في مواجهة هذه الإساءة هو تجاوز ذلك الشخص والابتعاد عنه، مما يعكس مدى نضجنا وثقتنا بأنفسنا. إقصاء شخص أساء إليك عن حياتك يعني حرمانه من طهر قلبك ونقاء نيتك ولين طبعك. إنه يكاد يكون أقوى رد ممكن، حيث يظهر كيف أن السلام الداخلي الذي تحظى به هو أكثر قيمة من أي هدف انتقامي.

#### مغزى الابتعاد

الابتعاد بدلاً من الانتقام هو فعل قوي. فحين تختار أن تترك المسيء خلفك، فإنك تضحي بتوقعات الانتقام والعقاب، لتختار السلام والهدوء. إن رحيلك لن يكون مجرد قرار بل هو استراتيجية لتجاوز الأذى. كأنك تقوله: “أنا أرفض أن أستلزم نفسي في صراعٍ يجرني إلى أسفل. لقد اخترت السير في طريق يعزز سلامي النفسي.”

هذا الرحيل الصامت يحمل في طياته العديد من الرسائل. أولًا، أنت تدرك أن الإساءة لا تستطيع أن تحدد هويتك. ثانيًا، من خلال تجنب النزول إلى مستوى الشخص المسيء، تُظهر قوتك وحكمتك. أنت لا تريد أن تصبح نسخة مكررة من الإساءة، بل ترغب في أن تبقى وفيا لنفسك، سواء في طبعك أو سلوكك.

#### العزلة كعقوبة

الإساءة تترك أثرًا على الروح، ولكن من الأبلغ في مواجهتها ترك المسيء يعاني في وحدته. حين تبتعد عنه، فإنك تعفي نفسك من استهلاك الطاقة في مرض أو نية سيئة. يصبح المسيء في موقف يتخبط فيه، قابعًا في خيبته، معانقًا للظلام الذي اختاره. وفي غيبتك، يدرك هو تمامًا ما فقده، ولكن في تلك اللحظة، هو ليس بحاجة إلىك، بل بحاجة إلى الإدراك بأن ما فعله كان خطأً كبيرًا.

للأسف، أحياناً يجد الناس أنفسهم مضطرين للتعامل مع نقائص الآخرين، وقد يُعاقَب المسيء على أفعاله من خلال مجازاة غيره له بنفس الطريقة. ولكن، تركه للبيئة التي تعكس طباعه يمكن أن يكون أشد عقاباً من أي رد فعل قد تفعله. عندما ينغمس في محيط يشبه أسلوبه، سيشعر بمرارة الأذى الذي أوقعه على الآخرين، ويدرك أن ما فعله كان غير مقبول.

#### الخسارة الحقيقية

الخسارة الحقيقية لن تكون فقط خسارتك له، بل سيكون خسارته لك. ستجده يتجول في الحياة، يبحث عن تعاملات طيبة وأشخاص ذوي نبالة في القلوب، ليكتشف أنه فقد شيئًا ثمينًا يتمثل في شخص لطيف ومعطاء. وعندما يواجه مصالحه مع الآخرين، سيكتشف عجزه عن الوصول إلى قلب شخصٍ يعرف كيفية منح الحب والاحترام بدون شروط.

### خلاصة

نختتم بالتأكيد على أن التعامل مع الإساءة يتجاوز مجرد الرد الفوري أو الانتقام. الأجمل هو الرفعة التي تتحلى بها في أوقات الأذى. إذن، اعتنِ بنفسك، ودع من أساء إليك يواجه عواقب أفعاله، بينما تتقدم في حياتك محملاً بالسلام والطمأنينة. فالتجاوز هو المفتاح، والانطلاق هو البديل.

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ